تليسكوب هابل
هذه اللوحة الفنية البديعة هي صورة سديم كارينا الذي يبعد عنا ما بين 6,500 – 10,000 سنة ضوئية، وهو عبارة عن سحابة طولها ثلاث سنوات ضوئية من الغازات والغبار الكوني (ثلاث سنوات ضوئية أي 28,382,400,000,000 كيلومتر !!). وهي واحدة من الصور الجديدة التي نشرتها ناسا احتفالاً بمرور 20 عاماً على إطلاق تليسكوب هابل.
ما رأيكم أن نستمتع اليوم بمشاهدة بديع صنع الخالق -سبحانه وتعالى- من خلال مجموعة مختارة من الصور التي أرسلها لنا تليسكوب هابل، بينما نتعرف على بعض المعلومات السريعة عنه:
واجه الفلكيون وعلماء الفضاء صعوبات كبيرة خلال القرن الماضي لأنهم لم يكونوا قادرين على مشاهدة الكون بالوضوح الكافي بسبب جو الأرض المليء بالأتربة والغبار، وبسبب التلوث الضوئي الذي تسبب فيه الإنسان وغيرها من الأسباب الأخرى. لذا اتفقت وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” مع وكالة الفضاء الأوروبية “إيسا” على عمل مرصد فضائي خارج الغلاف الجوي للأرض لنستطيع مشاهدة الكون بوضوح أكبر، فكان تليسكوب هابل:
أطلق تلسكوب هابل في العام 1990، وهو عبارة عن مرصد فضائي يصل طوله لـ13 متر وقطره إلى 2.4 متر، ويقع على ارتفاع 593 كم فوق مستوى سطح البحر، ويكمل دورة كاملة حول الأرض كل ساعة ونصف تقريباً.
يعرف هابل أيضاً بـ HST (اختصاراً لـHubble Space Telescope) وتم تسميته على اسم الفلكي الأمريكي إدوين هابل الذي اكتشف وجود مجرات أخرى في الكون غير مجرة درب التبانة التي نعيش فيها.
التقط هابل منذ أطلق أكثر من نصف مليون صورة، ساهم من خلالها في إعادة رسم صورة الكون في عيوننا، وكان سبباً في تأكيد اتساع الكون وتحديد معدل اتساعه، كما كان سبباً كذلك في تقدير عمر الكون بـ13 مليار سنة، فضلاً عن أن صور هابل ساهمت في أكثر من 4,800 بحث ومقال علمي لعلماء الفلك في أكثر من 45 دولة.
قد تعجبنا هذه الصور من الناحية الجمالية لكن لندرك حقيقة جمالها الذي لا يوصف علينا أن نتصور حجم هذه الصور في الحقيقة.
فكل هذه الصور لا يتم قياسها بالميل ولا بالكيلومتر بل يتم قياسها باستخدام “السنة الضوئية”، والسنة الضوئية ببساطة هي المسافة التي يقطعها الضوء حين يسير لمدة عام كامل (سرعة الضوء تساوي 300,000 كم في الثانية)!
ولنتصور هذه المسافة تخيلوا مثلاً أن المسافة بين الشمس والأرض هي 150,000,000 كيلومتر، يقطعها الضوء في ثمانية دقائق!
أي أن السنة الضوئية تساوي 9,460,800,000,000 كيلومتر !!
أعيدوا النظر الآن إلى تلك الصور وتخيلوا حجمها الحقيقي لتدركوا روعة الكون الذي نعيش فيه، ومدى صغر حجمنا فيه مثل هذه الصورة:
وهي صورة مجرة العين السوداء التي تبعد عنا 17 مليون سنة ضوئية ويبلغ عرضها 40,000 سنة ضوئية!!
مجرة واحدة يبلغ حجمها 40,000 سنة ضوئية (والسنة الضوئية الواحدة تساوي 9,460,800,000,000 كيلومتر)، فما بالكم بحجم هذه الصورة التي تضم ملايين المجرات:
وما بالكم أن هذه الصورة ليست سوى جزء صغير جداً من الكون!!
وختاماً صدق الله العظيم إذ يقول: “أفَلمْ يَنْظرُوا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيّناها وما لها من فروج“، فتبارك الله أحسن الخالقين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق