شلالات نياجرا
هل سمعت بشلالات نياجرا؟ ماذا تعرف عنها ؟ وأين تقع ؟ ولماذا يُضرب بها المثل فيقال للماء المتدفق بقوة (كشلالات نياجرا ).
في صيف احدى السنوات أقلعت الطائرة بنا أنا وعائلتي من مطار عمان الدولي في زيارة لصهري وبنتي الّذيْن يقيمان في شيكاغو في شمال الولايات المتحدة الأمريكية . وبعد عدة أيام من وصولنا حزمنا أمتعتنا للقيام برحلة إلى شلالات( نياجرا ) والتي لا يفوت أي سائح يدخل الولايات المتحدة الأمريكية زيارتها ، حيث تعتبر منتجعاً يَؤمّها السواح من جميع أنحاء العالم للاستمتاع بجمالها والأصوات الرتيبة الصادره عنها نتيجة هبوط كتلة كبيرةٍ هائله من الماء بطريقة غريبة أخّاذه لا يعرف العالم لها مثيلاً.
إشتُقّت كلمة (نياجرا ) من لغة الهنود الحمر أهل البلاد الأصليين وتعني (رعد المياه) . تقع هذه الشلالات على نهر نياجرا ولذلك سميت بأسمه وهو نهر يصل ما بين بحيرتين (ايرى ) في الجنوب وبحيرة (أُنتاريو) في الشمال . يبلغ تصريف النهر مليون ونصف مليون غالون من الماء في الثانية مما يدل على قوة المياه المتدفقه .
يجري النهر مع الحدود بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا حتى أن حدود الدوليه بينهما تقع في منتصف مجرى النهر وتقسمه إلى شاطئين .
انطلقت سيارتنا (الجيمس) من شيكاغو تنهب الأرض مسرعة عبر الغابات الخضراء باتجاه شلالات نياجرا وما أن اقتربنا منها تراءى لي من بعيد قوس ضخم وطويل فسألت صهري عنه فقال :
هذا جسر معلق عبر النهر كما تراه كالقوس يقع أمام الشلالات يبلغ طوله 500 متر وأرتفاعه عن ماء النهرالأربعمائة متر ، )أي قوس قزح .Rain bow ويسمونه جسر (
طرفه الأول مزروع في أرض الولايات المتحده والطرف الآخر في الأراضي الكندية ويحمل فوق ظهره مَسْربين للمركبات ذهاباً وإياباً بين الدولتين . وما إن وصلنا المنتجع ترجّلنا من سيارتنا ، كان يبعد الجسر عنا بضعة أمتار فرأيت السيارات تدخل وتخرج من المسربين فوق الجسر مسرعة كالطريق السريع عندنا فسألت صهري : ألا يفتشون الأشخاص والأمتعه هنا ؟ فابتسم وقال : ‘‘ يبدو أنك قد قارنت بيننا وبينهم ،، وأضاف ‘‘ لا يوجد نقاط تفتيش بل يتعاملون مع بعضهم كبلد واحد ،،
أخذنا مكاننا بين الزوّار على مرتفع قريب يُشرف على الشلالات والنهر .
وكانت المنطقة مكتظّة بالسواح الذين قدموا من كل أنحاء العالم ، وكان المشهد جميلاً يشد الناظر حتى ينسيه ما يدورُ حوله.
يهبط الشلال بكامل عرض النهر البالغ مئتي متر تقريباً وبذات الاندفاع تسقط كتله هائلةٌ من المياه إلى منخفضٍ يبلغ ارتفاعه أكثر من مائه وخمسون متراً، كانت القوارب تتجول في حوض الشلالات ، يتسع القارب منها لأكثر من عشرين سائحاً يقفون على سطح القارب المحاط بحماية من حديد .
أخذ صهري دوره بين الزوّار لقطع التذاكر استعداداً للصعود إلى القارب ، ثم أخذنا طريقنا عبر درج ينحدر نحو النهر لا يقل طوله عن ثلاثمائة متر وقبل الصعود إلى المركب يزوّدُ المسؤولون السّواح بملابس واقيةٍ من البلل تحميهم من رذاذ الشلالات عند الأقتراب منها .
صعد الجميع ووقفوا على ظهر المركب استعداداً للحظة الوصول إلى أقرب نقطة من الشلالات ، يبعد القارب الآن عن الشلالات حوالي كيلو متر واحد تقريباً، بدأ يتحرك ويسير الهويني باتجاه الشلال بتهادي كعروس في ليلة زفافها وعيون الجميع معلّقة بالشلالات مندهشين بما تقع عيونهم عليه حيث يشاهدون ملايين الأطنان من المياه تتدافع وتتدفق .
أخذ الزوّار بتجهيز آلات التصوير وصوّبو عدستها نحو الشلالات استعداداً لللالتقاط الصور .
يقترب القارب الآن رويداً رويداً من مكان سقوط الشلال في طريقه إلى أقرب نقطة يمكن أن يصل أليها ، أقتربنا أكثر فأكثر وبدأ رذاذ المياه ، يلامس وجوهنا وأخذت عدسات التصوير تلتقط الصّور التذكاريه ، قبل الاقتراب من الشلال علا صراخ الركاب منهم من كان يصرخ خائفاً لهول كتلة المياه الساقطة من الأعلى ويعلو الصراخ أكثر فأكثر كلما اقتربنا من سقوط الشلالات ، لم نعد نسمع بعضنا إلا بصعوبة بالغة لعلوِّ صوت الشلالات فقد كانت تهدر كالرعد ، وصلْنا الآن إلى آخر نقطة يمكن أن يصل أليها القارب وهي لا تيعد عن سقوط الشلالات أكثر من مئتي متر تقريباً .
أصبح الرذاذ يسقط فوقنا كالمطر يطرق قبعاتنا وملابسنا البلاستكية الواقيه.
وهناك بدأ القارب بالاستدارة نحو اليسار ثم إلى الخلف ، حتى أصبحت الشلالات وراء ظهورنا وعاد القارب من حيث أتي .
لقد كانت حقيقةً رحلةً لا تُمحى من الذاكره
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق